المجلس السعودي السوري- شراكة إستراتيجية لبناء اقتصاد سورية الجديد
المؤلف: فراس طرابلسي08.25.2025

احتفاءً بالمرسوم الملكي السامي من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بتشكيل مجلس الأعمال السعودي السوري، والذي يحمل في طياته دلالات أبعد من مجرد ترتيب إداري روتيني، بل يمثل منعطفًا حاسمًا في إعادة صياغة النفوذ السعودي المؤثر في المنطقة، يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل معمق لجوهر هذا المجلس، ليس فقط باعتباره أداة لتنمية التبادل التجاري، بل كأداة سيادية فاعلة لإعادة تشكيل علاقة إستراتيجية راسخة بين البلدين الشقيقين.
إن المجالس الاقتصادية المشتركة في أرجاء المنطقة غالبًا ما تكون نتاجًا ثانويًا للعلاقات السياسية القائمة، أو استجابة لحركة تجارية محدودة النطاق. بيد أن المجلس السعودي السوري، الذي تم الإعلان عن تأسيسه مؤخرًا، يختلف جوهريًا عما سبقه من مجالس مماثلة، سواء من حيث التوقيت الاستراتيجي، أو الرمزية العميقة، أو مستوى التوجيهات العليا التي تحظى بها.
فهو ليس مجرد امتداد لمرحلة انفتاح اقتصادي مرحلي، بل هو ترجمة واقعية لتحول جذري في القرار الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية؛ تحول يعكس رؤية المملكة الطموحة التي لا تنظر إلى الأسواق الإقليمية المجاورة كمجرد ساحات للتبادل التجاري، بل كفضاءات للنفوذ المستدام طويل الأمد، يتم إدارتها بكفاءة عالية عبر أدوات الاقتصاد الفعال، لا عبر مجرد بيانات وتقارير سياسية عابرة.
صحيح أن الجمهورية العربية السورية اليوم ليست أرضًا خالية، بل هي ساحة أرهقتها تبعات العقوبات الاقتصادية، وأضعفتها تداعيات الحرب، وأربكت مسيرتها الاقتصادية، إلا أنها لم تفقد مكانتها المحورية ولا عمقها التاريخي الراسخ في المعادلة الإقليمية. ومن هذا المنطلق، فإن دخول رأس المال السعودي من خلال بوابة مؤسسية واضحة المعالم، وبحزم مالية معلنة على الملأ، لا يمكن تفسيره إلا كقرار سيادي رفيع المستوى، يتم تنفيذه بآليات اقتصادية مبتكرة وفعالة.
ليس من سياسة القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية أن تعلن عن التزامها بإنفاق مليارات الريالات ثم تتراجع عن ذلك. فالمملكة اليوم لا تتوجه إلى الجمهورية العربية السورية للمشاركة في اقتناص «الفرص» المتاحة فحسب، بل لإعادة صياغة معادلة الاستثمار في سورية برمتها، على أسس راسخة من التمكين الحقيقي، والشراكة المتكافئة، ونقل نموذج استثماري أثبت نجاحه وجدواه على أرض الواقع.
يكمن الفرق الجوهري هنا في أن المملكة العربية السعودية لا تذهب إلى سورية لشراء أصول متدهورة القيمة، بل لإنشاء مشاريع رائدة تقودها بنفسها، وتُشرك فيها الكفاءات السورية المتميزة، وتعيد تأهيل البنية التحتية المتضررة، بما يسمح لرجال الأعمال السوريين بالعودة إلى دائرة الفعل الاقتصادي كمساهمين فاعلين لا كأتباع، وشركاء حقيقيين لا مجرد وسطاء.
ولأن السوق لا يمكن أن تزدهر من فراغ، فالبنية التحتية المتينة هي مفتاح الشراكة الحقيقية والتعاون البناء: من توفير المياه النقية، والكهرباء المنتظمة، والطاقة المتجددة النظيفة، إلى تطوير شبكات النقل الحديثة، والمنصات المالية الذكية. هذه هي الركائز الأساسية لأي مشروع استثماري ناجح، وهو ما نراه يتحرك بقوة في خلفية هذا المجلس الطموح.
لا يفكر أحد في العاصمة الرياض اليوم بتحقيق مكاسب سريعة في الجمهورية العربية السورية، بل يصب التركيز على ترسيخ مكانة راسخة طويلة الأمد، تستند إلى نموذج الاستدامة والنمو المتواصل، لا على مجرد استغلال الفرص العابرة. وإذا كانت دمشق تستعيد عافيتها تدريجيًا، فإن المجلس السعودي السوري ليس مجرد خطوة عابرة، بل هو آلية تأسيسية شاملة لمرحلة ما بعد التعافي والازدهار.
إن أهم ما يمكن أن يتحقق اليوم ليس فقط توقيع العقود والاتفاقيات، بل وضع نظام شفاف وواضح المعالم لضمان الحقوق للجميع، وتسوية النزاعات التجارية بطرق عادلة، وتمكين الشراكات الحقيقية المثمرة، وبناء اقتصاد ذكي ومستدام، يضاهي ما نجحت المملكة العربية السعودية في تحقيقه على أرضها: شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، تقوم على الكفاءة والإنتاجية، لا على النفوذ والمصالح الشخصية.
تقع الكرة اليوم في ملعب السوق السورية: هل ستعيد ترتيب أولوياتها بحكمة وروية لاستقبال رأس المال الطموح الذي يريد أن يبني ويعمر، لا أن يسيطر ويهيمن؟ وهل يتم استيعاب حقيقة أن الشراكة مع المملكة العربية السعودية ليست مكسبًا ظرفيًا عابرًا، بل فرصة ذهبية لإعادة تموضع سورية اقتصاديًا في قلب المنطقة؟
إذا تم فهم هذا المشروع على حقيقته، فإن المجلس السعودي السوري سيكون أول لبنة اقتصادية حقيقية لسورية ما بعد الحرب. ليس باعتباره مجرد مجلس تنظيمي بيروقراطي، بل كقرار سيادي جريء بأن يكون الاقتصاد هو لغة النفوذ الجديدة، القائمة على المصالح المشتركة والتعاون البناء.
ولأن المجالس لا تُقاس بكثرة اجتماعاتها، بل بعدد المشاريع المثمرة التي انبثقت منها، فإن نجاح المجلس السعودي السوري لا يُقاس فقط بحجم الاستثمارات المتدفقة، بل بقدرته الفائقة على صياغة نموذج فريد للتشغيل المشترك، وتوليد فرص العمل النوعية، وتفادي الفوضى المؤسسية والتنظيمية.
مقترحات عملية لتفعيل دور المجلس وتعظيم الاستفادة منه:
1. إنشاء مسار واضح للحوكمة القانونية للمشاريع المشتركة، يستند إلى الشفافية الكاملة والمصداقية المتبادلة بين المستثمر السعودي ونظيره السوري، لا على التوقيعات الرمزية أو التفاهمات الشفوية غير الملزمة.
2. تأسيس جهاز تنفيذي مصغر داخل المجلس، يتولى إدارة الفرص الاستثمارية المتاحة، ومتابعة النزاعات الإدارية والتجارية المحتملة قبل أن تتحول إلى أعباء قضائية أو سياسية معقدة.
3. إتاحة المجال واسعًا للأصوات السعودية والسورية الشابة الواعدة، التي أثبتت مرونتها الفائقة وقدرتها على التكيف مع الظروف الصعبة، لتكون شريكًا تشغيليًا فاعلاً في المشهد الاقتصادي الجديد، لا مجرد غطاء محلي، بل طاقة تنفيذية حقيقية قادرة على تحقيق الإنجازات.
4. تخصيص خط تمويل سيادي بشروط ميسرة ومرنة، لدعم مشاريع البنية التحتية الحيوية في سورية، مع رقابة استثمارية سعودية صارمة تضمن استدامة العائد وضمان حقوق جميع الأطراف، لا قيود تقليدية تعيق حركة الاستثمار الذكي وتعطل النمو الاقتصادي.
المملكة العربية السعودية اليوم لا تدخل سورية للعب دور «المستثمر الأجنبي» التقليدي، بل لإعادة تعريف سورية اقتصاديًا ضمن رؤية إقليمية طموحة تقودها هي، لا تُفرض عليها من الخارج. هذه ليست عودة إلى سورية فحسب، بل إعادة سورية إلى الطاولة الإقليمية، ولكن بشروط الاقتصاد والتنمية المستدامة، لا بخرائط النفوذ والأجندات السياسية الضيقة.
إن المجالس الاقتصادية المشتركة في أرجاء المنطقة غالبًا ما تكون نتاجًا ثانويًا للعلاقات السياسية القائمة، أو استجابة لحركة تجارية محدودة النطاق. بيد أن المجلس السعودي السوري، الذي تم الإعلان عن تأسيسه مؤخرًا، يختلف جوهريًا عما سبقه من مجالس مماثلة، سواء من حيث التوقيت الاستراتيجي، أو الرمزية العميقة، أو مستوى التوجيهات العليا التي تحظى بها.
فهو ليس مجرد امتداد لمرحلة انفتاح اقتصادي مرحلي، بل هو ترجمة واقعية لتحول جذري في القرار الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية؛ تحول يعكس رؤية المملكة الطموحة التي لا تنظر إلى الأسواق الإقليمية المجاورة كمجرد ساحات للتبادل التجاري، بل كفضاءات للنفوذ المستدام طويل الأمد، يتم إدارتها بكفاءة عالية عبر أدوات الاقتصاد الفعال، لا عبر مجرد بيانات وتقارير سياسية عابرة.
صحيح أن الجمهورية العربية السورية اليوم ليست أرضًا خالية، بل هي ساحة أرهقتها تبعات العقوبات الاقتصادية، وأضعفتها تداعيات الحرب، وأربكت مسيرتها الاقتصادية، إلا أنها لم تفقد مكانتها المحورية ولا عمقها التاريخي الراسخ في المعادلة الإقليمية. ومن هذا المنطلق، فإن دخول رأس المال السعودي من خلال بوابة مؤسسية واضحة المعالم، وبحزم مالية معلنة على الملأ، لا يمكن تفسيره إلا كقرار سيادي رفيع المستوى، يتم تنفيذه بآليات اقتصادية مبتكرة وفعالة.
ليس من سياسة القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية أن تعلن عن التزامها بإنفاق مليارات الريالات ثم تتراجع عن ذلك. فالمملكة اليوم لا تتوجه إلى الجمهورية العربية السورية للمشاركة في اقتناص «الفرص» المتاحة فحسب، بل لإعادة صياغة معادلة الاستثمار في سورية برمتها، على أسس راسخة من التمكين الحقيقي، والشراكة المتكافئة، ونقل نموذج استثماري أثبت نجاحه وجدواه على أرض الواقع.
يكمن الفرق الجوهري هنا في أن المملكة العربية السعودية لا تذهب إلى سورية لشراء أصول متدهورة القيمة، بل لإنشاء مشاريع رائدة تقودها بنفسها، وتُشرك فيها الكفاءات السورية المتميزة، وتعيد تأهيل البنية التحتية المتضررة، بما يسمح لرجال الأعمال السوريين بالعودة إلى دائرة الفعل الاقتصادي كمساهمين فاعلين لا كأتباع، وشركاء حقيقيين لا مجرد وسطاء.
ولأن السوق لا يمكن أن تزدهر من فراغ، فالبنية التحتية المتينة هي مفتاح الشراكة الحقيقية والتعاون البناء: من توفير المياه النقية، والكهرباء المنتظمة، والطاقة المتجددة النظيفة، إلى تطوير شبكات النقل الحديثة، والمنصات المالية الذكية. هذه هي الركائز الأساسية لأي مشروع استثماري ناجح، وهو ما نراه يتحرك بقوة في خلفية هذا المجلس الطموح.
لا يفكر أحد في العاصمة الرياض اليوم بتحقيق مكاسب سريعة في الجمهورية العربية السورية، بل يصب التركيز على ترسيخ مكانة راسخة طويلة الأمد، تستند إلى نموذج الاستدامة والنمو المتواصل، لا على مجرد استغلال الفرص العابرة. وإذا كانت دمشق تستعيد عافيتها تدريجيًا، فإن المجلس السعودي السوري ليس مجرد خطوة عابرة، بل هو آلية تأسيسية شاملة لمرحلة ما بعد التعافي والازدهار.
إن أهم ما يمكن أن يتحقق اليوم ليس فقط توقيع العقود والاتفاقيات، بل وضع نظام شفاف وواضح المعالم لضمان الحقوق للجميع، وتسوية النزاعات التجارية بطرق عادلة، وتمكين الشراكات الحقيقية المثمرة، وبناء اقتصاد ذكي ومستدام، يضاهي ما نجحت المملكة العربية السعودية في تحقيقه على أرضها: شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، تقوم على الكفاءة والإنتاجية، لا على النفوذ والمصالح الشخصية.
تقع الكرة اليوم في ملعب السوق السورية: هل ستعيد ترتيب أولوياتها بحكمة وروية لاستقبال رأس المال الطموح الذي يريد أن يبني ويعمر، لا أن يسيطر ويهيمن؟ وهل يتم استيعاب حقيقة أن الشراكة مع المملكة العربية السعودية ليست مكسبًا ظرفيًا عابرًا، بل فرصة ذهبية لإعادة تموضع سورية اقتصاديًا في قلب المنطقة؟
إذا تم فهم هذا المشروع على حقيقته، فإن المجلس السعودي السوري سيكون أول لبنة اقتصادية حقيقية لسورية ما بعد الحرب. ليس باعتباره مجرد مجلس تنظيمي بيروقراطي، بل كقرار سيادي جريء بأن يكون الاقتصاد هو لغة النفوذ الجديدة، القائمة على المصالح المشتركة والتعاون البناء.
ولأن المجالس لا تُقاس بكثرة اجتماعاتها، بل بعدد المشاريع المثمرة التي انبثقت منها، فإن نجاح المجلس السعودي السوري لا يُقاس فقط بحجم الاستثمارات المتدفقة، بل بقدرته الفائقة على صياغة نموذج فريد للتشغيل المشترك، وتوليد فرص العمل النوعية، وتفادي الفوضى المؤسسية والتنظيمية.
مقترحات عملية لتفعيل دور المجلس وتعظيم الاستفادة منه:
1. إنشاء مسار واضح للحوكمة القانونية للمشاريع المشتركة، يستند إلى الشفافية الكاملة والمصداقية المتبادلة بين المستثمر السعودي ونظيره السوري، لا على التوقيعات الرمزية أو التفاهمات الشفوية غير الملزمة.
2. تأسيس جهاز تنفيذي مصغر داخل المجلس، يتولى إدارة الفرص الاستثمارية المتاحة، ومتابعة النزاعات الإدارية والتجارية المحتملة قبل أن تتحول إلى أعباء قضائية أو سياسية معقدة.
3. إتاحة المجال واسعًا للأصوات السعودية والسورية الشابة الواعدة، التي أثبتت مرونتها الفائقة وقدرتها على التكيف مع الظروف الصعبة، لتكون شريكًا تشغيليًا فاعلاً في المشهد الاقتصادي الجديد، لا مجرد غطاء محلي، بل طاقة تنفيذية حقيقية قادرة على تحقيق الإنجازات.
4. تخصيص خط تمويل سيادي بشروط ميسرة ومرنة، لدعم مشاريع البنية التحتية الحيوية في سورية، مع رقابة استثمارية سعودية صارمة تضمن استدامة العائد وضمان حقوق جميع الأطراف، لا قيود تقليدية تعيق حركة الاستثمار الذكي وتعطل النمو الاقتصادي.
المملكة العربية السعودية اليوم لا تدخل سورية للعب دور «المستثمر الأجنبي» التقليدي، بل لإعادة تعريف سورية اقتصاديًا ضمن رؤية إقليمية طموحة تقودها هي، لا تُفرض عليها من الخارج. هذه ليست عودة إلى سورية فحسب، بل إعادة سورية إلى الطاولة الإقليمية، ولكن بشروط الاقتصاد والتنمية المستدامة، لا بخرائط النفوذ والأجندات السياسية الضيقة.